الأربعاء، 20 نوفمبر 2019

الشاعر الكبير مرشد سعيد الاحمد /يكتب لنا مستقبل مخيف تحياتي

------------- مستقبل مخيف ---------------------
على سفح احد التلال المنتشرة على ضفاف نهر الخابور تقع  قرية تل المرابيع هذه القرية يعمل اهلها بزراعة القطن والقمح والشعير اضافة الى زراعة بعض الخضار
في هذه القرية الجميلة ولد وترعرع خلف لاب ميسور الحال انجب قبله سبع بنات من زوحة واحدة فكان هو حلم والده ووالدته بعد طول انتظار . فكان خلف هو الامر الناهي والجميع يخدم خلف ويريد رضاه وسعادته مما تسبب في جعله انسان اتكالي في كل شيء اضافة الى انانيته وحبه لذاته .فعاش حياته محبا للاناقة والتسلية و البسط وحضور الحفلات وحلقات الدبكة التي تقام في المنطقة
تزوج خلف مبكرا من ابنة عمه سراب وانجب منها طفلتين جميلتين مما دفع والده الى تزويجه بأمرأة اخرى حتى لا يكرر خطأه بعدم الزواج من زوجة اخرى لانجاب ذكور
لكنه توفي قبل ان تولد كنانة بنت ثالثة لخلف وبعد وفاته بدأت حياة خلف تسير نحو الاسوأ وخاصة بعد زواج جميع اخواته واعتماده على الايدي العاملة المأجورة مما تسبب بأفلاسه تقريبا مما دفعه الى بيع قطعة من ارضه واعطاء الباقي لمزارع بنسبة متفق عليها في المنطقة واشترى بيتا في المدينة معتمدا في العيش على حصته من انتاج ارضه . لكن الجفاف الشديد الذي اصاب المنطقة ادى الى افلاس خلف بشكل جعله يعجز عن تأمين لقمة الخبز . مما اجبر كلا من زوجتيه وبناتهما للعمل في السوق كممرضات في العيادات  او في شطف الادراج وتنظيف البيوت مما ادى الى تعرضهن الى الكثير من التحرش من فاقدي الاخلاق والضمير .
وفي احدى الايام اجتمع الجيران بالحارة امام بيت خلف بعد مشاجرة قام بها خلف كسر خلالها يد سراب وفج رأس كنانة وضرب بناته جمولة وعواشة وفطومة ضربا مبرحا
وعندما سألوه عما جرى رد عليهم باللهجة العامية قائلا :
( يا جماعة حرمتين كل وحدة مثل البقرة ما يقدرن يعيشن زلمة). فرد عليه احد سماسرة المهربين الى اوربا قائلا :
لماذا لا تهاجر انت واهلك الى المانيا وترتاح من كل هذه المصائب حيث ستحصل على بيت لكل زوجة وراتب ثلاثمائة يورو لكل فرد من افراد اسرتك وتعيش هناك ملك زمانك
اقتنع خلف بهذه الفكرة وسافر الى المانيا بعد ان باع كل مايملك من بيت وعفش اضافة الى ارضه في القرية
لكن مصيبة خلف انه اخذ انانيته وعصبيته معه الى المانيا
وبعد اول مشاجرة مع احدى زوحتيه قبض عليه البوليس الالماني وقام بتسفيره الى بلده ليعيش متسكعا و متطفلا على اخواته في بيوت ازواجهن.
ومع الايام بدأت حالة خلف النفسية بالتدهور فوصلت به الامور الى التجول في شوارع المدينة مرددا عبارة النواح المعروفة : ( هيمتني الدار والگاع المشوها وهيمتني الدار والگاع المشوها) واحيانا يذهب الى حارته السابقة  ويجلس امام بيته ويردد:
               دخيلك يا رب العرش تلهم
              احبابي اللي سكنوا براس تلهم
               اتمنى في بگلبي نار تلهم
             وبس يكون احبابي مني اگراب
وازداد هذا التدهور لحالته النفسية فأصبح يردد بشكل مفاجيء . وفي اي مكان واحيانا اثناء نومه وبصوت عالي :
( ماظل حدا بالدار والله ما ظل حدا بالدار) مما دفع الكثير الى عدم الاقتراب منه او النوم معه في غرفة واحدة
وفي ذات يوم شاهده احد اصدقائه بهذه الحالة المأسوية فقرر الاتصال بزوجتيه عبر الواتس والطلب منهن العودة الى ارض الوطن فكان جواب زوجته كنانة ان هذا الطلب مستحيل لان سراب تزوجت رجل سوداني مقيم بألمانيا وبناتهما كل واحدة اصبحت في مدينة بعد تجاوزهن السن القانوني اما انا فقد تزوجت من رجل اعمال فلسطيني وابنتي تعيش معي حتى تبلغ السن القانوني ثم تترك البيت حسب الشرط الذي فرضه زوجي الجديد . وبعد ان انهى الاتصال التفت الى الحضور وقال عبارة بصوت حزين احزنت الجميع فقال :
( مسكين يا خلف لقد خسر الارض وخسر العرض معا )
------------------ انتهت ------------------
بقلم : مرشد سعيد الاحمد / ابو سالي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الشاعر عبدالحميد الباجلاني يكتب لنا

  بالشعر انصح مؤمنا توابا ان النصيحة تفتح الالبابا قصيدة .. افسح لنفسك وافتح الأبوابا واخفض لجنبك لا تردك طلابا افسح لنفسك  وانزع الاعجابا ف...