الأربعاء، 20 نوفمبر 2019

الشاعر الاديب والكاتب المبدع الشاعر جواد واعظ يكتب ..عهدة وطن تحياتي

* عهدة وطن .. من مجموعة .. احزان الياسمين الابيض *

                     (  بقلم  .. جواد واعظ  )

مهاجرا .. أنا .. هل الى الوطن .. !!  ام بعيدا .. عن وطن  .. !!
مهاجرا تاركا خلفي بقايا سنين .. تعصف بالذاكرة بكل لحظة..
فتعيدني الى الانتماءات القديمة .. العفوية .. والمقصودة ..
تذكرني .. برائحة الياسمين .. وانتشاره بصحن الدار ..
 حين يهب الهواء عليه  ..  فيأخذه من مكان الى آخر ..
لكنه يبقى بصحن الدار .. حتى لو احرقته تلك الشمس ..
في كل البيوت المجاورة .. لديها شجرة ياسمين .. ونانرج .. وبركة ماء ..  وفسحة امل .. وازقة ضيقة ..  لكنها تتسع لآلاف المارة .. وصبية صغار ..  يتسلقون بعض الاشجار ..
ويرتكزون على احجار جدران .. أكلت التاريخ .. وان يأكلها ..
                      ---  ---  ---  ----  ---  ---
كل جوازات السفر ( مضروبة ) .. ولماذا السفر .. ؟؟ ..
 وأنا هنا أمانة .. بعهدة وطن .. !!
كل الجوازات ( مزورة ) ..  لأننا لا نريد الرحيل ..
آآآه .. يا عزيزي .. وتسالني .. عن الوطن ..  !!!
لو تدري ما هو الوطن  ( ارض .. اشخاص .. اماكن .. ذكريات)
فهل يمكنك ان تأخذهم معك .. او تمهرهم على جواز سفرك ..
                  --- --- ---- -----  -----  ----
اخذتني الذكريات .. بين تلك الازقة وابواب البيوت القديمة ..
حيث على كل باب .. يوجد قطعة معدنية .. مصنوعة بأشكال مختلفة تسمى  ( سقاطة الباب ) ولكل منها رنة وصوتا يميزها .. عن غيرها .. وكم اكون سعيدا ..
عندما تقرعها جارتي .. بطريقة ايقاعية جميلة ..
فأعرف انها .. هي .. واسارع لفتح الباب .. قبل اي أحد ..
آخر مرة فتحت لها الباب .. !! .. دخلت وبيدها وعاء فيه طعام .. يسمى ( ورق عنب ) او ( يبرق ) ..
نسمي هذا التبادل بالاطعمة .. ب (السكبة ) ..
قالت = ارجو ان تحبه .. انا التي طبخته ..
ودخلت  فسحة الدار .. وسلمت على امي واختي واخوتي ..
رحبوا بها .. وبعد فترة قصيرة .. اعتذرت لأنها ستعود لمنزلها.
فنهضت مسرعا .. لأودعها .. فصافحتني .. ودثت بيدي رساله
وغادرت .. وسرعان ما قرأتها .. كتبت فيها  ( طلب يدي احد اقارب والدتي .. وهو مهاجر .. وانا  لا احب الغربة ..
 ومغادرة وطن .. وترك حبيب .. واهل .. واصدقاء ..
ولست ادري ..ما سأفعله )  .. .. ..  طويت الرسالة ..
                  -----  ----  -----  -----  ----  -----
لم يبقى على سفري .. سوى ساعات قليلة .. ولا أحد من الاهل يعلم بمغادرتي .. خوفا من ان اضعف .. وتتعثر هجرتي ..
كنت على موعد مع صديق لي .. سنسافر معا ..
وهو مازال مترددا .. وكنت احمسة واشد من عزيمته ..
قال = اني أخشى الغربة .. ترى  ..؟؟ هل سأكون سعيدا وعزيزا .. ام مسحوقا .. ومستكينا ..
سنترك كل شيء .. والى اين  .. ؟؟؟  الى اللاشيء ..
                    ----- ----- ----- ------ ----
منذ ليلة الامس .. وانا افكر بالنتيجة .. لا شك بان هناك اشياء جميلة ومغرية .. نفتقدها .. هنا  ..
وايضا .. اذا ذهبنا .. سنخسر اشياء ..  واشياء ..
كرائحة الارض الطيبة .. وصوت بائع الخضرة .. وعنين ناعورة سحب الماء .. وبعضا من الشتائم المضحكة الخفيفة
والجلوس في المقهى .. ولعب الورق .. وطاولة الزهر .. وزيارة الاحباء .. ومدفع رمضان .. وثياب  العيد .. صغارا .. وكبارا ..
سنتحسر .. على كل شيء .. حتى لو كان .. مذموما ..
ربما يسقط منا الوجدان .. وينصهر الضمير ..بغربة الاجناس ..
ونضيع .. كما ضاع الكثيرون .. بين الخطأ والصواب ..
                         -----  ----  -----  -----  -----
نعم .. يجب ان اهاجر .. ومن ثم سأعود .. محملا ببعض المال والمشاريع .. لأبني هنا مستقبلي ..
في تلك الغمرة من التفكير .. شعرت بيد تلامس ظهري ..
فالتفتت .. اذا بصوت شاب .. يقول .. ماذا تنتظر .. لقد جاء دورك .. هل اوراقك .. جاهزة .. .. ..
لن يبق سوى دقائق ..  على اقلاع الطائرة ..
 كانت المسافة بيني وبين الكوة .. لا تتجاوز الخطوات ..
لكني رأيتها .. اطول مسافة يمكن ان امشيها ..
الى ان سمعت الموظف يقول .. ""  اوراقك  ""
فقلت له = لقد ضاعت مني ..
قال = ابحث عنها سريعا ..
وتفاجأت بصديقي الذي سيسافر معي .. قال .. ماذا حصل ..
قلت .. اضعت اوراقي .. فقال .. وانا ايضا ..
وسألته .. اين اضعتها .. فقال .. ما اذكره اخر مرة لمحتها ..
كانت بذاك الركن من ( الوطن ) .. حيث صحن الدار وعبق الياسمين .. واشخاص يعيشون على امل .. فسحة امل ..
حتى لو احرقتهم اشعة الشمس .. الملتهبة ..
انهم .. كالياسمين .. وكبركة الماء .. ونافورتها ..
                           ---- ---- ---- ---- 
عدت ادراجي   .. .. .. مررت  عبر الازقة الضيقة ..
كنت اسمع .. صوت ( سقاطات ) .. الابواب ..
تدق .. وتقرع .. بصوت عالي .. وقوي ..
كأنها تقول .. كنا متأكدين من أنك لن تهاجر ..
وقبل ان اصل الى الدار .. رأيت جارتي من نافذة غرفتها ..
سلمت بيدها .. بشكل خاطف وسريع .. وهمست .. .
هل اكلت من ( ورق العنب ) ..
احسست حينها ..  بأني  تافها جدا  .. وصغيرا .. بل صغيرا جدا .. امام كبرباؤها .. وعظمتها .. وعزة نفسها ..
لكني ..  سأجد نفسي  .. سأكبر .. وسأكبر .. فهويتي  هنا ..
فلقد مزقت جوازات سفر .. كل المغادرين .. والراحلين .. والمهاجرين .. لاننا .. سنبقى هنا ...
سنبقى هنا  ..  بعهدة وطن .. .. ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الشاعر عبدالحميد الباجلاني يكتب لنا

  بالشعر انصح مؤمنا توابا ان النصيحة تفتح الالبابا قصيدة .. افسح لنفسك وافتح الأبوابا واخفض لجنبك لا تردك طلابا افسح لنفسك  وانزع الاعجابا ف...