الجمعة، 13 نوفمبر 2020

مقالة أدبيّة بقلم : علي الفلّوس / طنجة - المغرب.

 ** أينَ الشّعراءُ ؟ **

_________________


هــلْ غــادرَ الشّعــراءُ مـنْ متــردّمِ

أمْ هـلْ عـرفتَ الـدّارَ بعـدَ توهّـمِ ؟

بهذا السُّؤالِ العريضِ ، استهلَّ الشّاعرُ الجاهليُّ عنترةُ بنُ شدّادٍ العبسيُّ معلّقتهُ المدوّيّةَ الشّهيرةَ ، مسجّلاً بها ملحمةً منْ أروعِ ملاحمِ البطولاتِ و الأمجادِ في تاريخ البشريّةِ إلى الآن ، و أصبحَ صاحبها رمزاً يضربُ بهِ المثلُ في الشّجاعةِ و الكرامةِ و الإباء . و ما زال هذا السّؤالُ يحضرني كلّما خلوتُ إلى نفسي سارحاً بذهني أتامّلُ واقعَ القصيدةِ العربيّةِ ، و ما آلَ إليهِ حالها منْ شحٍّ في الإنتاجِ ، و تدنٍّ في المستوى الفنِّيِّ شكلاً و مضموناً ، خصوصاً بعدَ التّمرّدِ على بنيتها الهيكليّةِ و أوزانها الإيقاعيّةِ ، بلْ تجاوزَ الأمرُ إلى حدودِ الإجهازِ على اللّغةِ نفسها  مبنىً و معنىً ، بحجّةِ أنّ هذهِ القيودَ الوهميّةَ إنّما تشكّلُ أمامهم عائقاً للتّعبيرِ بحريّةٍ عن مشاعرهم  و تمرير الخطابِ إلى المتلقي بطريقةٍ سلسةٍ ، فاستحالتِ القصيدةُ العربيّةُ إلى مجرّدِ شبكةٍ للكلماتِ المتقاطعةِ ،تتوزعُ فيها حروفُ الكلمةِ الواحدةِ على امتدادِ الأسطر الشّعريّةِ ، مع ملء الفراغاتِ بنقطِ الحذفِ و علاماتِ التّرقيمِ بشكلٍ عشوائيٍّ ، فترى الشّاعرَ الواحدَ منْ هؤلاءِ - إذا كتب - لا يتجاوزُ حدودَ البيتِ الواحدِ اليتيمِ ، أو ( النتفة ) من بيتين في أحسنِ الأحوالِ قد لا يستقيم فيهما المعنى و الإيقاع ، ثم لا يخجل من نفسه بأنْ يذيّلهما بتوقيعه بصفة ( شاعر ) فأينَ الشّعراءُ منْ هؤلاءِ جميعاً ؟ إلّا إذا كانوا منَ الطّبقةِ الرّابعةِ كما جاءَ في تصنيفهم منْ طرفِ أحدِ النّقّادِ القدامى حيثُ قالَ:

شعــــــراءُ الزّمـــــانِ أربعــــــهْ 

واحـدٌ يجـري و لا يُجـرى معـهْ

 و ثــانٍ ينشـدُ وسـطَ المعمعــهْ

و ثالـــثٌ لا بـــأسَ أنْ تسمعــــهْ

و رابـعٌ لا تستحـيي أنْ تصفعــهْ


_________________________________

مقالة أدبيّة بقلم : علي الفلّوس / طنجة - المغرب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الشاعر عبدالحميد الباجلاني يكتب لنا

  بالشعر انصح مؤمنا توابا ان النصيحة تفتح الالبابا قصيدة .. افسح لنفسك وافتح الأبوابا واخفض لجنبك لا تردك طلابا افسح لنفسك  وانزع الاعجابا ف...