الكاتب الأديب طارق حلمي شلبي يكتب لنا مقطع من رواية فوق أفق غائب تحياتي

مقطع اخر من رواية فوق أفق غائب.......فى اخر زيارة لمدينة المنزلة والمهجرون يتوقون للعودة للديار قرر جدى الذهاب لبورسعيد وزيارة بيته بمنطقة اثنين تعمير بحى المناخ حتى يقوم بالاصلاحات اللازمة ويعتنى بشجرة الجوافة التى عانت من الوحدة كثيرا وكان يبغى القيام ببعض الترميمات ودهان مايحتاج لدهان فى البيت الذى أعد طابقين منه لزواج اثنين من بناته وأخبرنا أنه لن يتأخر هناك أكثر من يومين وصمم على الذهاب بمفرده وانقضى يومان واربعة ولم يعد فأصابنا القلق جميعا ولا توجد وسيلة للاتصال به ولا جيران حوله وقررت اثنتان من خالاتى الذهاب خوفا أن يكون أصابه مكروه فصاحبتهما باللانش عبر بحيرة المنزلة الذى انطلق بصوت محركه المرتفع الرتيب متفاديا نباتات البوص الكثيفة وكان مزدحما قليلا وبعد فترة من السير سكنت حركته وغرز فى منطقة ضحلة ونزل بعض الرجال متطوعين ليدفعوه لينطلق من جديد وبعد جهد عاد يعمل وسار فى طريقه عبر البحيرة الواسعة والطيور تحلق فوقه وتضبط حركتها مع حركته لعل أحد الركاب يلقى اليها بفتات الطعام وقرب الوصول التقى لانشا اخر قادما من الاتجاه المقابل يكاد يصطدم بنا ففزع الناس وتعالت الصرخات ورايت خالتى الصغرى تصرخ بأعلى صوت حين رأت جدى يستقل اللانش الاخر واقفا ببذلته الصيفية وسط الناس ونادت عليه حتى يلقى بمفتاح البيت فانتبه وألقى به حتى كاد يسقط فى الماء وأشار الينا بألا نتأخر هناك... وألقى اللانش مرساه ونزلنا المدينة خالية نكاد نحتضن الشمس تضرب حيطان البيوت ووجدنا جدى قد قام بترميم المنزل ودهان ما امكن دهانه وترك علب الدهان الفارغة والفرشاة على ورق جرائد فى احد الأركان وألقينا نظرة على شجرة الجوافة والتقطنا بعض ثمارها المتدلية ومسحناها بأكمامنا وبعد تنظيف البيت تنظيفا شاملا عدنا عن طريق البر وكدنا نسقط فى الترعة على مشارف المنزلة بعد اختلال عجلة القيادة .. وعلمت بعد ذلك أن العودة للديار تستحق كل هذا العناء حين رأيت خالة أمى سومة فور وصولنا لعتبة بيت جدى تجثو على ركبتيها وتقبل تراب المدينة بعد ان أقسمت على ذلك وانخرطت فى بكاء حار.... طارق حلمى شلبى