الطلاق النفسي وتداعياته على الأسرة ::
يلعب فتور العلاقة الزوجية وضعف جذوة الحب بين الزوجين إلى عدم الترابط وعدم اهتمام كل منهما بشؤون الآخر وينعكس ذلك على الأبناء جميعاً خاصة إذا ما كانوا يشاهدون شجار الأبوين ويلاحظون فشلهم في حل المشاكل بينهما بطريقة هادئة بعيدة عن التوتر وبعيدة عنهم ، وهنا تصبح العلاقة بين الزوجين علاقة واهية ليس فيها أيّ نوع من الألفة أو حرارة اشتياق كلٍ منهما للآخر ويصبح لكل واحد منهما حياته الخاصة وغرفة نومه الخاصة أيضاً ويصبحا بمثابة زوجين على الورق فقط لا تربطهما أيّ مشاعر وهما في حكم المطلقين ولكن بدون وثائق طلاق رسمية وبمعنى آخر هما ينطبق عليهما الطلاق النفسي. وهناك أسباب عديدة لذلك منها أسباب تظهر بعد الزواج مباشرة وأخرى تظهر خلال رحلة الحياة الزوجية ومنها على سبيل المثال وليس الحصر ( اختلاف مستوى التعليم بين الزوجين واختلاف المستوى الثقافي والاجتماعي ، وكذلك المركز الإجتماعي والمنصب الذي يشغله كل من الزوجين حيث تتأثر العلاقة بينهما بسبب أن لكل واحد منهما أهدافه واهتماماته الخاصة وأصدقائه الخاصين به والذين لهم مكانة مؤثرة وموجهة لبعض سلوكياتهم ومواقفه والتي قد تصل إلى حد التدخل في الشؤون الخاصة للزوجين ، كما يلعب الانتماء السياسي والاهتمام بالقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية تلعب دوراً قوياً في خلق جو من التوترات الحادة نتيجة النقاشات المنفلتة العقال والضوابط والتي يشوبها التعصب الأعمى لكل طرف لرأيه الشخصي وعدم احترام الرأيّ الآخر مع فقدانهما لفن الإستماع ، كل ذلك إذا ما كانت أرضية العلاقة الزوجية تفتقد للتفاهم والاحترام وهذا السلوك ينعكس على الأبناء وعلاقتهم بالوالدين ، وبكل تأكيد ينعكس أيضاً سلباً على علاقاتهم بأصدقائهم وعلى اهتماماتهم الدراسية وغيرها مما يدفعهم للبحث عن ما يمكنه أن يملأ عليهم الفراغ العاطفي ويملاء أوقاتهم الضائعة فيلجأوا إلى وسائل التواصل الإجتماعي الإلكترونية والتي توفر لهم أمكانية الإنزلاق نحو تلك الوسائل فيؤدي ذلك بهم إلى الانحراف واللامبالاة وفتور علاقاتهم بوالديهم وأخوتهم وبالتالي ينعدم التواصل مع مكونات الأسرة الممتدة مما يؤثر على الترابط مع الأقارب والأصدقاء ومكونات المجتمع .
بلا شك بان تلك العلاقة الزوجية النامية في بيئة غير صحية وغير سوية تنعكس على العلاقة مع الأقارب حيث تلعب الغيرة والنميمة والتباهي والتقليل من قيمة الآخر دوراً كبيراً في خلق جو من عدم الرضى والقبول ويصبح كل واحد يتصيد لأخطاء غيره في ظل عدم التسامح وانعدام المحبة.
ولما كانت الأسرة هي عماد بناء المجتمع؛ فإن تفككها بلا شك ينعكس سلباً على البنيان المجتمعي.
د. عز الدين حسين أبو صفية
،،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق